عملية وضح النهار |
في يوم من ايام شهر سبتمبر سنة 1969م استدعى الرئيس جمال عبدالناصر لمكتبه اللواء اركان حرب محرز مصطفى عبدالرحمن مدير المخابرات الحربية ومن هنا جات فكره العملية.
سبب عملية وضح النهار .
لما وصل اللواء محرز لاحظ ان الرئيس جمال الناصر باين على ملامحه الهجوم والغضب الشديد ولكن حتى قبل ما ينطق بكلمة واحدة بدأ عبدالناصر بالكلام وقال اخبار رجالتنا في السويس ايه يا محرز؟ فرد عليه وقال له تمام يا فندم قايمين بشغلهم وواجبهم على اكمل وجه وعملياتهم مسمعة زي ما سيادتك عارف.
رد عليه عبدالناصر وقال له مسمعة فعلا يا محرز المسمعة عند مين ؟ الكلام ده مسمع عندنا احنا،احنا عايزين الكلام ده الدنيا كلها تشوفه وتسمعه لازم نجبرهم لانهم يعترفوا قدام العالم كله ان المصريين هم اللي بينفزوا العمليات دي.
ومستحيل هيعترفوا بالكلام ده الا لما نفضحهم ونكسر عينيهم مش هم بيقولوا على ولادنا انهم ومخربين خلينا بقى نعرفهم المرتزقة والمخربين بيقدروا يعملوا ايه .
قال له تمام يا فندم تعليمات سيادتك رد عبدالناصر وقال العملية الجاية هتتعمل في وضح النهار مش بالليل. ولازم العالم يتزرع مكان التنفيذ ومش هيفضحهم ويكسر عينيهم ويجبرهم على الاعتراف قدام العالم كله الا لو جبنا واحد اسير من عندهم.
وقبل ما يمشي من مكتبه سأله قال له مين رجالتنا في السويس؟ فرد عليه اللي هو محرس وقال له العقيد بدر حميدة. فرد عليه عبدالناصر وقال له انا حالا هبعت لهم حسين براز عشان يشرف بنفسه على التدريب .
حسين دراز كان واحد من الحرس شخصي للرئيس جمال عبدالناصر. وقبل ما ندخل في تفاصيل العملية اسمح لي اضيف لحضرتك معلومة بسيطة.
من هو اللواء محرز مصطفي .
عايزك تعرف ان اللواء اركان حرب محرز مصطفى يعتبر من اكفأ مديري المخابرات الحربية اللي مروا على تاريخ مصر. وهو اللي تمت في عهده عمليات ايلات والحفار واشرف بنفسه وادار عملية المصاحبة لتحريك حائط الصواريخ للجبهة المصرية واتكتب عنه سطور ومقالات كتير جدا سواء من القادة المصريين او الاسرائيليينتجهيزات عملية وضح النهار بحرب الاستنزاف .
المهم ان بعد ما اللواء محرز خرج من مكتب عبدالناصر اجتمع مع العميد حسين دراس في مكتبه وبدأوا ان هم الاتنين يتكلموا في بعض التعليمات والتفاصيل اللي هيشتغلوا عليها. وبلغه بان اللي هينفزوا العملية رجالة السويس او بمعنى ادق فدائيو منزمة سيناء العربية.
تاني يوم مباشرة اتحرك العميد حسين من القاهرة وتوجه على مكتب المخابرات في السويس. وعايز اقول لك ان السويس بعد نكسة سبعة وستين كانت صورة مثالية للدمار والخراب. وكان تقريبا معزم وحدات والمراكز والقيادات العسكرية عبارة عن كوم تراب على الارض.
لحد كده والكلام كويس جدا لكن اهم حاجة كانت بتدور في دماغ العميد حسين في التوقيت ده. مين الرجالة اللي هينفزوا العملية. واسمح لي كده قبل ما نكمل العملية اقول لك تفصيلة صغيرة كده عن منزمة سيناء العربية. بعد نكسة سبعة وستين وحالة الخراب والدمار اللي اصابت السويس.
قاموا جايين لامين بعضهم وطلعوا على مقر مكتب منظمة التحرير الفلسطينية اللي كان موجود في وطلبوا من المنزمة الفلسطينية انهم ينضموا اليهم في مقاومة العدو الصهيوني. ولكن المنزمة رفضت طلبهم تماما. بعد الموقف اللي حصل ده فالخبر او المعلومة وصلت للمخابرات الحربية المصرية.
فالمخابرات الحربية بعتت جابت شباب المقاومة دول وقعدوا معهم. وقالوا لهم احنا هنمدكم بالسلاح ندربكم ونعمل لكم كل اللي انتم عايزينه. وقالوا لهم اشتغلوا زي ما انتم عايزين. ولكن بعلمنا وتحت اشرافنا. عشان ما يحصلش اي تعارض ما بين العمليات اللي هنقوم بها والعمليات اللي انتم هتقوموا بها. ودايما يبقى في تنسيق وتبادل للمعلومات ما بينا وبين بعض. وهتشتغلوا تحت اسم منظمة سيناء العربية. اسناء تدريب واعضاء المنزمة من الفدائيين كانت المخابرات الحربية بتعمل حاجة اسمها انتقاء وفرز.
فكانوا بيعملوا الالتقاء والفرز ده على حسب الاكسر كفاءة وسرعة البديهة والاكسر في اللياقة البدنية. فكان فيه قايمة موجودة عندهم باسماء الفدائيين الاكثر جاهزية للقيام بالعمليات الاشرس خطورة. وبناء على القايمة دي تم اختيار العناصر اللي هينفزوا العملية. واللي كانت اسمائهم كالتالي الفدائي محمود عواد مصطفى ابو هاشم. ابراهيم سليمان. حلمي شحاتة. محمود طه. اشرف عبدالدايم. سعيد البشاكلي. عبدالمنعم قناوي. محمد سرح واللي كان شهرته ميمي سرحان. احمد العطيفي فايز امين. فتحي عوض الله. غريب محمد غريب. عبدالمنعم خالد. وبعد ما تم اختيار الاسماء اللي هيقوموا بالتنفيز.
طلب العميد حسين انه يقعد مع الابطال عشان يفهمهم طبيعة العملية ومدى خطورتها. وبالفعل كانت المقابلة الاولى داخل المنزل الفدائي محمود عواد واللي كان موجود بالقرب من ميدان الاربعين بمحافزة السويس وخلال المقابلة اتكلم معاهم في بعض التفاصيل وطلبات القيادة العامة وقال لهم بان التدريبات والاستطلاع هيبدأوا من تاني يوم مباشرة وقال لهم ان بناء على نتايج الاستطلاع وجاهزية المجموعة الفدائية للتنفيز هيتم تحديد ميعاد العملية.
وتاني يوم مباشرة بدأت مجموعات الاستطلاع انها تشوف شغلها. عشان يحددوا انسب نقطة هيتم العبور منها والتنفيز عليها. وكانت المنطقة اللي بينفزوا الاستطلاع منها قرية اسمها قرية عامر موجودة غرب قناة السويس بمنطقة الجناين.
خداع العدو .
كل واحد فيهم معه ورقة وقلم. كل التحركات اللي بتحصل قدام عنيهم بتتكتب بالدقيقة والسانية. واول مش تغيب كلهم ينزلوا من على النخل. كل واحد فيهم بقى كاتب ورقة يروحوا يسلموها للعميد حسين والعقيد بدر حميدة. المهم ان هم بيحللوا نتايج الاستطلاع اللي بتجي لهم من التقارير بشكل يومي. لاجظوا ان عند منطقة اسمها منطقة المعدية. ودي بتبعد تمانية كيلو متر شمال مدينة السويس. لاحظوا ان في دورية للجيش الاسرائيلي بتعدي يوميا الساعة سبعة صباحا من المنطقة دي. وكانت الدورية دي عبارة عن دبابة واحدة وعربيتين مجنزرتين. بكامل سلاحهم وعتادهم وافرادهم.كرر الموضوع ده تلات تيام على التوالي. كل يوم بالليل يسمعوا نفس الاصوات ويشوفوا نفس الاضواء. ولكن للاسف ما فيش اي معلومة عندهم باللي بيحصل. وطبعا بسبب الاضواء والاصوات دي كانوا كل الجنود المصريين اللي موجودين على الجهة المقابلة.
ما فيش واحد فيهم عينه بتدوق طعم النوم ولا الراحة كانوا في حالة استعداد وتأهب مستمر ليحصل اي هجوم من العدو الصهيوني. وتفضل الاصوات دي شغالة طول الليل لحد ما الفجر يطلع. اول ما الفجر يطلع لا فيه صوت ولا فيه ضوء. وفضلوا على كده تلات تيام. لحد يوم اربعة نوفمبر سنة الف تسعمية تسعة وستين.
جيل محمود عواد والفدائي مصطفى ابو هاشم. استأزنوا من القائد بدر حميدة انهم يعبروا لوحدهم بالليل. وقالوا له يا فندم احنا هنعبر لوحدنا النهاردة عشان نستكشف كده ونشوف اللي بيحصل هناك ايه.
وفعلا في نفس اليوم بالليل وعند مصدر الصوت نزل الفدائي محمود عواد والفدائي مصطفى ابو هاشم لمية القناة. اخدوها سباحة لحد ما وصلوا البر التاني. اول ما وصلوا هناك كانت المفاجأة. كل الاضواء والاصوات اللي كانوا بيشوفوها ويسمعوها ما هي الا اسلوب من اساليب الخداع.
اكتشفوا ان اليهود وولاد اليهود عاملين قواعد خرسانية صغيرة. وزارعين فوق القواعد الخرسانية دي كشافات بزوايا مختلفة عشان يوهمك وانت على البر التاني انك دايما تبقى شايف فيه اضواء وكأنها اضواء سيارات ومدرعات جاية من عمق سينا وعشان يحبكوا التمسيلية بقى علينا اكتر او مناشرين مكبرات صوت على مساحة واسعة وكانت مكبرات الصوت دي مسجل عليها اصوات لجنازير الدبابات والمدرعات عشان يفضل طول الليل وهمك ان في هجوم داخل عليه. وتفضل انت طول الليل صاحي عينك ما تدوقش طعم النوم.
في حالة تأهب واستعداد اربعة وعشرين ساعة. مش باقول لك يهود ولاد يهود. المهم ان الفدائي محمود عواد والفدائي مصطفى ابو هاشم. ما حبوش بقى يرجعوا للقائد بتاعهم ولزمايلهم وايديهم فاضية قاموا جايبين ميكروفون معهم وهم جايين عشان يطمنوهم ويسبتوا لهم ان كلامهم صح.
واول ما رجعوا من هناك بلغوا المعلومة وسلموا الميكروفون اللي معهم. في نفس التوقيت اتحرك العميد حسين وعمل مكالمة تليفونية. وكان الواضح انه بيكلم القيادة في القاهرة قفل الخط من هنا وبص للرجالة وقال لهم مستعدين تنفز طبعا كلهم بصوت واحد بمنتهى السعادة والقوة والبسالة قالوا جاهزين يا فندم. قال تمام توكلنا على الله. اجمع بقى الرجالة عشان هنفز الليلة.
بمنتهى السرعة كانت المجموعة كاملة موجودة في مكتب القائد. واجتمعوا كلهم والتفوا حوالين خريطة كبيرة وبدأ يلقنهم التنفيز ومعدات التسليح وكانت تعليمات القائد لهم قال لهم نصا وحرفا انا مش عايز فرح العمدة. سلاحك في ايدك والطلقة براجل.
والطلقة الاولى والاشارة هتبقى من مصطفى ابو هاشم. ما فيش اي حد يضرب قبله. وما تنسوش يا رجالة. العلم وواحد منهم. واحد من العملية بيحكي ويقول كنا رايحين ننفز واحنا عندنا سقة بالله سبحانه وتعالى انه هينصرنا. لكن كل واحد فينا كان حاسس انه رايح مش راجع. لان المرة دي ما كانتش زي كل مرة. احنا متعودين اننا بنروح بالليل نزرع العبوات ونجيب بعضنا ونرجع.
ولكن المرة دي مطلوب مننا اسير. يعني هيحصل وجها لوجه والله اعلم مين اللي هيعيش ومين اللي هيموت يعني تقدر تقول عليها عملية انتحارية رايحين ومش راجعين حتى ان القائد نفسه قال لهم يا رجالة ما حدش عارف ازا كانت الوشوش هتتقابل مرة تانية ولا لأ. وعشان كده بعت جاب لهم عشوة كبيرة وكانوا بيعتبروها كأنه العشا الاخير.
بداية عملية وضح النهار .
وبعد التلقين الاخير للعملية وقبل ما يتحركوا بدقايق رن جرس التليفون وكان على الخط اللواء محرز مصطفى مدير جهاز المخابرات وطلب انه يكلم الفدائي محمود عواد وقال له شد حيلك يا عواد البلد محتاجة لكم. خلصت المكالمة من هنا وبعد دقيقتين التليفون رن مرة تانية. رفع شماعة. وكانت المفاجأة للجميع اللي على الخط الرئيس جمال عبدالناصر. وطلب انه يكلم قائد المجموعة محمود عواد. قال له يا عواد العملية مفتوحة قدامك واتصرف زي ما انت عايز. شدوا حيلكم وان شاء الله ترجعوا بالف سلامة. احنا والبلد كلها في انتزاركم.
طبعا المكالمة دي رفعت روحهم المعنوية للسما. وكان هاين عليهم لو شافوا الزلط قدام عنيهم ياكلوه. ومع فجر يوم خمسة نوفمبر سنة الف تسعمية تسعة وستين كانوا واصلين وحاطين رجليهم على الشط. وكانوا مقسمين نفسهم لتلات مجموعات. المجموعة الاولى اسمها المجموعة الساترة وتسليحها ار بي جي وسلاح خفيف. المجموعة التانية اسمها المجموعة الساترة اليسرى ومعاهم ار بي جي وسلاح خفيف. المجموعة التالتة اسمها مجموعة الاقتحام. ودول اللي مهمتهم زرع العبوات وزرع العلم.
واول اتنين نزلوا المية منهم كان الفدائي محمود عواد والفد محمد سرحان والشهير بميمي سرحان. لانهم كانوا اكثرهم اجادة للسباحة. اول ما نزلوا المية كانوا رابطين حبلين حوالين وسطهم. عاموا لحد ما وصلوا البر التاني. وهناك بالحبلين دول كانوا مربوطين في القارب المطاطي اللي زمايلهم هييجوا فيه.
بدأوا يسحبوا زمايلهم بالقارب المطاطي عشان ميحصلش اي انجراف للقارب بسبب موجة المية بكده المجموعة بالكامل وصلوا البر التاني وبعدها بدأوا يتسلقوا الساتر الترابي فوق الساتر الترابي بقى في المنطقة دي كان العدو عامل حاجة اسمها الاوتاد الخشبية ما بين كل وتد ووتد مسافة خمسة متر موصلين ما بين الاوت الخشبية دي سلك اسمه سلك اعصاري.
اللي بيبقى ملفوف كده عامل زي السوستة. لو السلك الاعصاري ده بقى اتقطع بالغلط بتحصل حاجة اسمها عملية ارتداد. لان زي ما قلت لحضرتك السلك ده عامل زي السوستة. لو قطعته فبيرتد بسرعة. اسناء عملية الارتداد دي هم حاطين عند كل وتد عشان يلقط لحزة الارتداد. اول ما تحصل يديهم انزار عندهم ان في حالة اختراق او تسلل حصلت.
وبالتالي يلحقوا يتصرفوا. طبعا رجالتنا كانوا مدربين على الكلام ده كويس جدا. ولكن يبدو ان حصل خطأ معين اسناء عبورهم للسلك الاعصاري. ولكن ما اي حد منهم انتبه للخطأ ده. والخطأ ده اللي هم بنفسهم هيكتشفوا اثره اسناء تنفيز العملية بعد ساعات قليلة.
المهم ان هم بعد ما عدوا السلك فضلوا ماشيين لحد النقطة المتفق عليها. اول ما وصلوا هناك زرعوا الالغام في الطريق او المدق اللي هتعدي منه الدورية وحفروا بعدها حفرة على عمق زراع عشان زرع العلم وبعد كده كل مجموعة منهم خدوا مكانهم في ساتر كده على بعد خمسين متر من الانفجار. المفروض وحسب الاستطلاع اللي هم بنفسهم عاملينه ان الدورية بتعدي يوميا الساعة سبعة صباحا. اليوم ده وصلت الساعة سبعة والدورية ما وصلتش. وصلنا لحد سبعة ونص وبرد.
دورية ما عدتش. طبعا عن طريق اللاسلكي بلغوا القيادة وقالوا لهم ان الدورية لحد الوقتي لسه ما وصلتش. وده على غير العادة. فالقائد على اللاسلكي قال لهم الغي العملية حالا. انتم كده اتكشفتم واكيد مليون في المية هيبعتوا قوات تمشط المنطقة. كده حياتكم في خطر. الغي العملية وارجع حالك.
بيقول البطل محمود عواد في شهادته لما سمعنا كلمة الغي العملية والقيادة بتقول ارجعوا ردينا عليهم في اللاسلكي وقلنا لهم تمام يا فندم. وبعدها قفلنا الجهاز. واتفقنا كلنا في وقتها اننا هنكمل. واللي ربنا كاتبه هنشوفه. قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا. يدوب عد عشر دقايق وفي تمام الساعة سبعة واربعين دقيقة بدأت بقى البشاير تهل لمحو الدورية الاسرائيلية وهي جاية من بعيد ولكن كان واضح جدا انهم اكتشفوا التسلل لان حسب الاستطلاع واللي كانوا هم بنفسهم بيعملوه بشكل يومي كانت الدورية دي كل يوم وهي معدية بيبقى معهم اعزكم الله كلب من كلاب حرب.
وكان الكلب ده مدرب على كشف الالغام. ولكن اليوم ده اللي هو يوم تنفيز العملية كان معهم خمس كلاب حرب. وكانوا ماشيين قدام المجنزرتين والدبابة اتنين عساكر وزابط اسرائيلي. مهمتهم انهم يبصوا على الارض ويشوفوا اي اثار للاقدام. الحاجة التانية برضو واللي دللت لانهم اكتشفوا فعلا ان في تسلل حصل ان كانوا يوميا المسافة ما بين المجنزرة الاولى والتانية لا تتعدى الاربع امتار. والمسافة ما بين المجنزرة التانية والدبابة اللي في الخلف برضه لا تتعدى من اربع لخمس امتار.
ولكن في اليوم ده اللي هو يوم تنفيز العملية. كانت المسافة ما بينهم بعيدة تفاجئوا ان المسافة ما بين المجنزرة الاولى والتانية تتعدى ما بين العشرة وخمستاشر متر والمسافة ما بين المجنزرة التانية والدبابة في الخلف بردو تتعدى ما بين العشرة وخمستاشر متر وبالتالي فبعد ما كان حيز تنفيز العملية منطقة صغيرة اصبح حيز تنفيز العملية وهنا طبعا بيجي دور الكفاءة وسرعة البديهة والتغيير والتعديل التكتيكي التلقائي بدون اي خطط مسبقة.
يا دوب دقايق وبدأت الدورية بالفعل تقترب منهم. وقبل الدورية ماشي الخمس كلاب ومعهم عسكري. عشان لو اي كلب منهم لقط اي حاجة فيجري العسكري يشوف فيه ايه ما الكلاب قربت من اللغم. والعسكري الاسرائيلي وراهم ساعتها الفدائي مصطفى ابو هاشم ايقن انه لو استنى دقيقة واحدة الخطة بالكامل هتتكشف والعملية هتفشل.
وعشان كده اخد القرار في نفس اللحزة. واول طلقة تخرج من سلاحه كانت في سدر العسكري الاسرائيلي جابته الارض. ودي كانت اشارة البدا للمجموعات الفدائية. اللي اول ما سمعوا صوت طلقة مصطفى ابو هاشم خرجوا من ورا السواتر وبدأوا تنفيز الهجوم. كان سلاح الار بي جيه موجود مع الفدائي ابراهيم سليمان في الناحية اليمنى. والفدائي حلم شحاتة من الناحية اليسرى. اول ما سمعوا صوت طلقة الاشارة كانوا الاتنين مصوبين سلاحهم على الدبابة مباشرة وفي نفس الحال وقفوها في مكانها.
عناصر الدورية لما شافوا الدبابة بتاعتهم استهدفت واتعطلت قدام عنيهم. حاولوا بقى المجنزرتين انهم يراوغوا ويهربوا من المواجهة. ولكن بسبب اطلاق النار الكثيف عليهم اجبرت واحدة من المجنزرتين انها تمر فوق واحد من الالغام فانفجرت باللي فيها. فاصبح التعامل دلوقتي مع مجنزرة واحدة بالطقم اللي فيها. وكان كل هم رجالتنا انهم يرجعوا على الاقل باسير منهم. وفعلا كان توفيق ربنا سبحانه وتعالى لهم انهم تمكنوا من اسر واحد من جنودهم.
وبعد ما تم القضاء على الدورية بالكامل راحوا على المكان اللي كانوا مجهزينه عشان يزرعوا العلم. وعايز اقول لك بمناسب زراعة العالم ان في واحد من الفدائيين كانت مهمته اسناء عبور القناة ويطلع ينفز العملية شايل على كتافه عرق خشب طوله اربعة متر. عرق الخشب ده اللي بيستخدموه اخواتنا في اعمال الخرسانة المسلحة.
كان شايله طول العملية عشان اول ما يتم التنفيز يتم رفع العلم عليه وحفروا في الارض مسافة زراعة بعد كده جابوا الاسير وشالوا الفدائي محمود عواد على كتافه وكان بيتبادل حمل الاسير مع الفدائي محمود طه واول ما وصل للشط كان القارب في انتزارهم والحمد لله رجعوا سالمين للضفة الغربية والحمد لله كانوا ابطالنا سبب في رفع الروح المعنوية في جيش المصري بالكامل.
اللي ما صدقوا انهم يشوفوا علم مصر مرفوع مرة تانية على ارض سينا المحتلة. واجبروا الاسرائيليين على انهم يخرجوا قدام العالم كله يعترفوا بخساير العملية.
نتائج عملية وضح النهار .
وخرج المتحدس العسكري باسم الجيش الاسرائيلي واعلن نتايج العملية. مقتل تسعة اسرائيليين واحد اسير. وخرجت الجرائد المصرية والعربية ونشرت الخبر للعالم كله. وعرفوا اليهود وقتها اننا قادرين نعمل اي حاجة وفي اي وقت.
وبعدها مات الاسير الاسرائيلي بسبب الاصابة اللي كانت فيه. وطلب الجيش الاسرائيلي انه يتسلم جسته عن طريق الصليب الاحمر. وبالفعل تم تسليم جسته عن طريق الصليب وتمت من خلال صفقة تبادلية مع بعض الاسرى المصريين اللي كانوا ما زالوا في السجون الاسرائيلية من بعد نكسة الف تسعمية سبعة وستين وتوالت بعدها العمليات والبطولات وصولا لحرب الكرامة حرب رمضان اكتوبر سنة الف تسعمية تلاتة وسبعين الاسماء.اللي انا قلتهم لك في النهاردة هم مجموعة من فرد ولكن الفدائيين الابطال اللي كانوا موجودين في السويس والاسماعيلية وبورسعيد وسينا كان عددهم بالمئات والالاف.
عايز اقول لك ان نبتة بس المجموعة دي اول ما نشأت كانوا سبعمية سبعة وخمسين فدائي. ومع الوقت تحول عددهم لمئات والاف الفدائيين. بنات وسيدات قبل الشباب والرجال. وطبعا البعض من الاسماء اللي تم زكره النهاردة تم تكريمهم اسناء الاحتفالات بانتصارات اكتوبر او باعياد تحرير سينا.
ولكن البعض منهم لم ينل حزه من التكريم. لان في ناس منهم استشهدت من قبل انتصارات اكتوبر. ولكن شهدتهم لوحدها ارفع تكريم من رب العالمين.